من فضائل سورة إلاخلاص
قال الله تعالى :-[( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ )]
سورة الاخلاص تعدل ثلث القرآن وذلك لما جاء في الروايات الصحيحة .. آياتها تمثل عقيدة للضمير وتفسير للوجود ومنهج للحياة . . وقد تضمنت أعرض الخطوط الرئيسية في حقيقة الإسلام الكبيرة ..
(قل هو الله أحد). . وهو لفظ أدق من لفظ “واحد” . . لأنه يضيف إلى معنى “واحد” أن لا شيء غيره معه . وأن ليس كمثله شيء .
إنها أحديّة الوجود .. فليس هناك حقيقة إلا حقيقته . وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده . وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي , ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية .. وهي – من ثم – أحدية الفاعلية . فليس سواه فاعلا لشيء أو فاعلا في شيء في هذا الوجود أصلا.
فإذا استقر هذا التفسير , ووضح هذا التصور خلص القلب من كل غاشية ومن كل شائبة ومن كل تعلق بغير هذه الذات الواحدة المتفردة .. فعندئذ يتحرر من جميع القيود وينطلق من كل الأوهام.
ومعنى الصمد: السيد المقصود الذي لا يقضى أمر إلا بإذنه . والله – سبحانه – هو السيد الذي لا سيد غيره , فهو أحد في ألوهيته والكل له عبيد . وهو المقصود وحده بالحاجات , المجيب وحده لأصحاب الحاجات . وهو الذي يقضي في كل أمر بإذنه , ولا يقضي أحد معه .. وهذه الصفة متحققة ابتداء من كونه الفرد الأحد.
من أجل هذا كله كانت الدعوة الأولى قاصرة على تقرير حقيقة التوحيد بصورتها هذه في القلوب . لأن التوحيد في هذه الصورة عقيدة ومنهج .. وما بعده من تفصيلات وتفريعات لا يعدو أن يكون الثمرة الطبيعية لاستقرار هذه الحقيقة بهذه الصورة في القلوب .
(ولم يكن له كفوا أحد). . أي لم يوجد له مماثل أو مكافئ في أية صفة من الصفات الذاتية .
فسبحان الله الواحد الأحد الفرد الصمد .. فهو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء والظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وهو بكل شيء عليم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق