ذنوبي قيدتني
قصة كل مذنب
في زمن الغفلة
ما عدنا ندري أوائل الأيام من أواخرها
ولا سوابقها من لواحقها
فالتمرغ في الأوحال أنسانا حقيقة الحال
تتلي علينا الآيات
في الإذاعات
وفي الصلوات
كثيرا كثيرا
ثم ماذا ؟؟
لا ننتفع بشيء كبير !
حتي صار الواحد منا
بليد الفكر
سقيم الفهم
ضعيف الإدراك
لا يستطيع التفريق بين المتماثلات
كأنه أغلف القلب
أعشي البصيرة
كل هذا نتيجة طبيعية للذنوب !
أريد أن انطلق
ولا أستطيع !
أحاول الصعود
ولكن قلبي يرسف في القيود
يا قلبي تحرك
لا أسمع إلا ضعيف الأنين
يا قلبي اصرخ
وكيف يصرخ هذا الكليل ؟؟
يا قلبي اعقل
وهل يعقل الذليل ؟؟
يا قلبي اصعد
كيف وهو لا يعرف إلا السفول ؟؟
كل هذا يا قلب !
نعم كل هذا
وأكثر من هذا
لماذا ؟؟
لأنك يا صاحب القلب المريض
تجاوزت حدك
واستطلت عجبا
وترفعت كبرا
تذكَّر يوم أردت حفظ القرأن
حتي تصلي بالناس في المسجد الكبير
تذكَّر يوم أن بكت عيناك واغرورقت بالدموع
حتي تنال المحمدة ولقب الخشوع !
تذكَّر يوم أن جادلت أخيك لتنتصر عليه وقد كان
فأمسيت اختيالا
وتبخترت زهوا
وسحبت أذيال العجب لذلك !
تذكَّر يوم اقتربت من شيخك
وتصنعت له الأدب
حتي يمنحك قربا ولقبا !
تذكَّر يوم أن ألفت كتابا
فأعطيت نسخا كثيرة من الهدايا
لإخوانك حتي يعرفوا قدرك ومكانتك !
تذكَّر يوم أن خنت الأمانة
بالتجارة بالديانة
فاقتربت من الأغنياء
نظير الهبات
والعطايا
والهدايا
ونسيت أتباع الأنبياء !
تذكَّر وتذكَّر وتذكَّر
حتي تري الحقيقة
فأنا وأنت وهو
أخلدنا إلي الأرض
إلي الحشائش والشوك
نسينا السماء
نسينا الضوء
لم نعد ننظر إلي الشمس
ولا إلي القمر
قلوبنا تعلقت بالخلق
محبتهم
مدحهم
إعجابهم
حبهم
وقليلا ما نتجاوز ذلك
قال مسروق بن الأجدع :
بحسب المرء من الجهل أن يُعجب بعمله
وبحسب المرء من العلم أن يخشي الله
إذا سأل بعض الناس سؤالا
رأيت الرقاب تتطاول من أجل الإجابة
وكل يدعي علما وتنظيرا وتدقيقا
وكأن هؤلاء لم يسمعوا عن علقمة بن قيس النخعي
فقد كان أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم
يسألونه ويستفتونه
ومع ذلك كان إذا قيل له :
ألا تخرج فتحدث الناس ؟ قال :
أخرج يتبعون عقبي ويقولون هذا علقمة ؟؟
فيا شباب الجهل،
يا كهول التفريط،
يا شيوخ الغفلة،
اجلسوا معنا ساعة في مأتم الأسف
يا سحائب الأجفان،
امطري على رباع الذنوب،
يا ضيف الندم على الإسراف
أسكن شغف القلوب،
يا أيام الشيب
إنما أنت بين داع ووادع،
فهل لماض من الزمان ارتجاع.
يا هذا،
جسدك كالناقة يحمل راكب القلب،
فلا تجعل القلب مستخدماً في علف الراحلة،
تالله إن جوهر معناك يتظلم من سوء فعلك،
لأنك قد ألقيته في مزابل الذل،
ماء حياتك في ساقية عمرك قد اغدودق،
فهو يسيل ضايعاً إلى مهاوي الهوى،
وينسرب في أسراب البطالة،
فقد امتلأت به خربات الجهل
ومزابل التفريط،
وشربته أدغال الغفلات،
ويحك،
أردده إلى مزارع التقوى
لعله يحدق نور حديقة،
إلى متى يمتد ليل الغفلة؟
متى تأتي تباشير الصباح؟
يا غادياً في غفلة ورائحا ...
إلى متى تستحسن القبائحا
وكم إلى كم لا تخاف موقفا ...
يستنطق اللهُ به الجوارحا
يا عجباً منك وأنت مبصر ...
كيف تجنبت الطريقَ الواضحا
كيف تكون حين تقرأ في غد ...
صحيفة قد حوت الفضائحا
وكيف ترضى أن تكون خاسراً ...
يوم يفوز من يكون رابحا
أيها المرائي
أنت في غفلة
مُلئت بالذنوب
وكثُرت فيك العيوب
أفلا تتوب ؟؟
أيها المرائي
قلب من ترائيه بيد من تعصيه
لا تنقش على الدرهم الزائف اسم الملك،
فما يتبهرج الشحم بالورم
عمل المرائي بصلة كلها قشور،
فهو يحشو جراب العمل رملاً فيثقله ولا ينفعه،
ريح الرياء جيفة تتحاماها مسام القلوب،
وما يخفى على المرائي على مسانح الفطن،
لما أخذ دود القز ينسج أقبلت العنكبوت تتشبه
وقالت: لك نسج ولي نسج،
فقالت دودة القز: ولكن نسجي أردية الملوك
ونسجك شبكة للذباب
وعند مس النسيجين يبين الفرق.
إذا اشتبكت دموع في خدود ... تبين من بكى ممن تباكا
أيها المرائي
لا تحملن السيف
وأنت لا تحسن القتال
وانظر إلي من سبقوك
كانوا علما وعملا
أقوالا وأفعالا
كان البكاء إذا غلب أيوب قال ما أشد الزكام.
وصام داود بن أبي هند أربعين سنة
لم يعلم به أحد،
كان يأخذ غداه ويخرج إلى الدكان
فيتصدق به في الطريق
فيظن أهل السوق أنه قد أكل في البيت
ويظن أهله أنه قد أكل في السوق.
وكان ابن سيرين يتحدث بالنهار ويضحك،
فإذا جاء الليل أخذ في البكاء والنحيب.
كان خوفهم من الرياء يوجب مدافعة النهار،
فإذا خلوا بالحبيب لم يصبر المشوق.
قال ابن الجوزي في " صيد الخاطر "
قال مالك بن دينار: وقولوا لمن لم يكن صادقاً لا يتعنى.
وليعلم المرائي أن الذي يقصده يفوته،
وهو التفات القلوب إليه.
فإنه متى لم يخلص حرم محبة القلوب،
ولم يلتفت إليه أحد،
والمخلص محبوب.
فلو علم المرائي أن قلوب الذين يرائيهم بيد من يعصيه،
لما فعل.
وكم رأينا من يلبس الصوف ويظهر النسك لا يلتفت إليه،
وآخر يلبس جيد الثياب ويبتسم والقلوب تحبه.
نسأل الله عز وجل إخلاصاً يخلصنا،
ونستعيذ به من رياء يبطل أعمالنا إنه قادر.
قيدتني ذنوبي
لأنها اخترقتني
وأضعفت مناعتي
فأصبحت نفسي
مرتعا للأمراض
ما أن أُشفي من مرض
إلا وابتليت بآخر
يا مدمن الذنوب منذ كان غلاماً،
علام عوّلت قل لي علاما؟
أتأمن مأتى من أتى حراما؟
قد ترى ما حلّ بهم،
إليك قد ترامى
أين المجتمعون على خمورهم والندامى؟
كل القوم في قبورهم ندامى،
أما ما جرى على العصاة يكفي إماما؟
لقد ضيّعنا حديثا طويلاً وكلاماً
ما أرى إلاّ داءً عقاما
هذه ذنوب القلب
إذا هجمت عليه افترسته
تركته في المزابل والحشوش
مع من كان يرجو منه الثناء
ويتقرب إليه بالعمل
خطر عظيم
تلك الذنوب
قيدتني ذنوبي
ولكن رجائي عظيمُ
قيدتني ذنوبي
وأملي في ربي كبيرُ
قيدتني ذنوبي
وأسأل العليم الخبيرُ
أن يعفو عني وعن إخواني
وأن يطهرنا من سائر الأمراض
والآثام والأسقام
إنه عفو كريم
وهو مولانا ونعم النصير
منقول
0 التعليقات:
إرسال تعليق